يراجعونهم فيما تتوق إليه نفوسهم في معرفة شئون الخليقة وتواريخ الأمم
السالفة والأنبياء وما إلى ذلك. وهكذا بعد ظهور الإسلام كانوا يفضّلون مراجعة أهل
الكتاب في معرفة شئون الإسلام والدعوة)
[1]
وهكذا نرى موقفه مما يطلق عليه التفسير العرفاني، أو الباطني للقرآن
الكريم؛ فهو ينكر عليه بشدة، ويعتبره انحرافا عن الحقائق القرآنية الواضحة، فيقول:
(هناك لأهل العرفان الباطني تفاسير وضعت على أساس تأويل الظواهر، والأخذ ببواطن
التعابير دون دلالاتها الظاهرة، اعتمادا على دلالة الرمز والإشارة فيما اصطلحوا
عليه، مستفادة من عرض الكلام وجانبه، وليس من صريح اللفظ وصميم صلبه، فقد فرضوا
لظواهر التعبير بواطن حملوها حملا على القرآن الكريم، استنادا إلى مجرّد الذوق
العرفاني الخاص، وراء الفهم المتعارف العام، وهي نزعة صوفية قديمة، دخيلة على الإسلام،
بعد أن ترجمت الفلسفة اليونانية، في القرنين الثاني والثالث، وتفشّت في أوساط
عامّيّة كانت بعيدة عن تعاليم أهل البيت عليهم السّلام.. ونحن إذ نستنكر على هؤلاء
تأويلاتهم غير المستندة، نرى أن للقرآن ظهرا وبطنا، كما جاء في حديث الرسول الأكرم
a، وكان (الظهر) عبارة عن
المعنى المستفاد من تنزيل الآية، ومن ظاهر التعبير حسب الأصول المقررة في باب
التفهيم والتفهّم. وأما (البطن) فهو عبارة عن المفهوم العام الشامل، المستنبط من
فحوى الآية وتأويلها إلى حيث تنطبق عليه من موارد مشابهة، حسب مرّ الدهور. وكان
للتأويل ضوابط ذكرنا حدودها وشرائطها، وليس حسب الذوق المختلف حسب تنوّع السلائق،
كما ارتكبه القوم مع الأسف) [2]