المختصة بالموضوع مع مزيد تحقيق وتنقيح، بالإضافة إلى الكثير من
الإضافات والآراء المهمة.
ومن الأمثلة على ذلك أنه ذكر عند الحديث عن سرّ الإعجاز، وجوه الإعجاز في
مختلف الآراء والنظرات، وهي في مجموعها عشرة وجوه، من الفصاحة والبلاغة، والأسلوب
البديع والجديد (الذي لا هو شعر ولا هو نثر)، والنظام الصوتي العجيب، والمعارف
السامية، والتشريعات الحكيمة، والبراهين الساطعة، والإشارات العلمية، والاستقامة
في البيان وسلامته من التناقض، والإعجاز الخارجي.
ثم تحدث عن النظريات المختلفة حول إعجار القرآن ابتداء من النظريات
القديمة، حيث تناول آراء أربعة عشر عالماً، ملخصا لها مع التوثيقات العلمية
المرتبطة بها.
ثم ذكر الإعجاز في دراسات اللاحقين، فقال: (نعم كان الأوائل قد مهّدوا
السبل لدراسات الآخرين وأسّسوا وأبدعوا وحازوا قصب السبق. وجاء اللاحقون ليستمروا
على إثرهم على الطريقة المعبّدة من ذي قبل، لكنّهم زادوا ونقّحوا وهذّبوا، وبذلك
نضجت الأفكار وتوسّعت العقول واكتملت الآراء والأنظار. أمّا الذي زاده الخلف على
السلف في مسألة إعجاز القرآن، فهو الذي لمسوه من تناسق نظمه البديع وتناسب نغمه
الرفيع، كانت لأجراس صوته الرصيف رنّة، ولألحان موسيقاه اللطيف نسمة ونفخة قدسيّة
ملكوتيّة ذات جذوة وجذبة، لا يوجد لها مثيل في أيّ توقيع من تواقيع الموسيقى
المعهودة ذات الأشكال والألوان المعروفة. إنّه منتظم على أوزان لا كأوزان الشعر،
وعلى قوافي السجع وليس بسجع، ففيه خاصيّة النظم وهو نثر، فهو كلام منظوم ومنثور في
نفس الوقت، كما هو مسجّع ومقفّى أيضا في عين الحال، ومع ذلك فهو ليس بأحدها،
وإنّما هو كلام فريد في نوعه وفذّ في أسلوبه، إنّه كلام الله فوق كلام المخلوقين،
هذا هو الذي أحسّته أرباب الفنون