حكما لأنّ صفة القرآنية لا تثبت لنصّ إلّا بدليل قطعي، والنسخ الوارد
على القطعي لا بدّ أن يكون قطعيا؛ فلا بدّ لإثبات كون النصوص المذكورة قرآنا
منسوخا، من دليلين قطعيين، أحدهما: دالّ على ثبوت القرآنية للنصّ، وثانيهما: دالّ
على زوال هذه الصفة، وواحد من الدليلين لم يقم لواحد من تلك النصوص، فلا يتمّ كونه
قرآنا منسوخا. فلا يصحّ عندنا في موضع الخلاف إلّا القول بثبوت النسخ في الحكم دون
التلاوة)[1]
وهكذا نقل عن العلماء القدامى هذا الموقف، فقد نقل عن الألوسي قوله في تفسيره:
(والقول بأنّ ما ذكر إنّما يلزم منه نسخ التلاوة، فيجوز أن تكون التلاوة منسوخة مع
بقاء الحكم ـ كآية الشيخ والشيخة ـ ليس بشيء لأنّ بقاء الحكم بعد نسخ لفظه يحتاج
إلى دليل، وإلّا فالأفضل أنّ نسخ الدالّ يرفع حكمه)[2]
ونقل عن أبي إسحاق الشيرازي صاحب كتاب (اللمع) في أصول الفقه قوله: (وقالت
طائفة: لا يجوز نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، لأنّ الحكم تابع للتلاوة، فلا يجوز أن
يرفع الأصل ويبقى التابع)[3]
يقول الشيخ المعرفة مؤرخا لكيفية دخول هذه الشبهة في التراث الشيعي،
وعلاقتها بنظيراتها في التراث السني، وذلك عند بيانه لسبب كتابته لكتاب (صيانة
القرآن من التحريف): (الواضح عندنا أن العلماء والمفكِّرين والمحقِّقين الشيعة
والفقهاء قاطبة ينكرون مسألة التحريف، ويُجمعون على أن القرآن محفوظٌ، وهو أمرٌ ثابت
من ضرورة التاريخ،