وقال في كتابه [علم اليقين في أصول الدين] عند الكلام عن إعجاز القرآن، وبعد
استعراض جملة من روايات تسند التحريف إلى كتاب الله، والواردة في مصادر السنة
والشيعة: (ويرد على هذا كلّه إشكال، وهو: أنّه على ذلك التقدير لم يبق لنا اعتماد
على شيء من القرآن، إذ على هذا يحتمل كلّ آية منه أن تكون محرّفة ومغيّرة وتكون
على خلاف ما أنزله الله، فلم يبق في القرآن لنا حجّة أصلا، فتنتفي فائدته وفائدة الأمر
باتّباعه والوصيّة به.. وأيضا، قال الله عز وجل: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ
(41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ
تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 41، 42]؛ فكيف تطرّق إليه التحريف
والنقصان والتغيير!؟ وأيضا، قال الله عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].. وأيضا قد استفاض عن النبي a وعن الأئمّة عليهم السلام عرض الخبر المرويّ عنهم على كتاب الله، ليعلم صحّته بموافقته له وفساده بمخالفته، فإذا كان القرآن الذي بأيدينا محرّفا مغيّرا فما فائدة العرض، مع أنّ خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذّب له، فيجب ردّه
[1]
الصافي في تفسير القرآن ، ج 1 ، ص 33 ـ 34 ، المقدمة السادسة ؛ والوافي ، ج 2 ، ص
273 ـ 274.