والإعجاب لهذا العمل العظيم الذي يعتبر بحق نقلة كبيرة في ميدانه،
ومنعطفاً هاماً في تاريخ معاجم المفردات القرآنية) [1]
ثم استعرض بتفصيل ميزات الكتاب مقارنا لها بغيره من الكتب، وسنلخص ما
ذكره من غير تلك المقارنات [2]:
كشف جذر الكلمة: أي أنه يتبع جذر المعنى الذي تلتقي عنده جميع معانيها، ففي
مادة (برّ) يقول الراغب: البَر: خلاف البحر، وتصُوِّر منه التوسع. فاشتق منه (البر)
أي: التوسع في فعل الخير. ثم يقول: و(البُرُّ)معروف، وتسميته بذلك لكونه أوسع ما
يحتاج إليه في الغذاء.. وهكذا يكون التوسع هو الجذر الذي يجمع بين المعاني.
ولا يقف الراغب عند هذا، وإنما يحاول درك هذا في نسبة الكلمة وإضافاتها،
فيرى أن (البر) ينسب إلى الله تعالى تارة نحو {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}
وإلى العبد تارة، فيقال: (بر العبد ربه) أي: توسع في طاعته، فمن الله تعالى
الثواب. ومن العبد الطاعة، وهو يريد بذلك أن التوسع في الثواب من الله مقابل
التوسع في الطاعة من العبد.. وهكذا يربط كل ما ارتبط بالبر بالسعة، فيقول: بر
الوالدين: التوسع في الإحسان إليهما.. وهكذا نرى تتبعه لتصريفات الكلمة وإضافاتها
وهو يلمح فيها دائماً فكرة التوسع الذي هو أصل المعنى وجذره وبذلك يعطى القارئ، ما
هو بحاجة إليه في فقه اللغة وأسرار الاشتقاق، ويتدرج به صعداً في فهم العربية،
والوقوف على تصاريفها، مما يؤهله للتعامل مع سر الكلمة في الكتاب المعجز وتذوق
حلاوتها وإدراك دلالاتها وإيحاءاتها[3].