responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 418

وخلقتني من التراب، ثم أسكنتني الأصلاب، آمنا لريب المنون، واختلاف الدهور والسنين، فلم أزل ظاعنا من صلب إلى رحم، في تقادم الأيام الماضية، والقرون الخالية، لم تخرجني لرأفتك بي، ولطفك لي، وإحسانك إلي، في دولة أئمة الكفر، الذين نقضوا عهدك، وكذبوا رسلك، لكنك أخرجتني للذي سبق لي من الهدى الذي يسرتني وفيه أنشأتني، ومن قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك، وسوابغ نعمتك، فابتدعت خلقي من مني يمنى، وأسكنتني في ظلمات ثلاث، بين لحم ودم وجلد، لم تشهدني خلقي، ولم تجعل إلي شيئا من أمري، ثم أخرجتني للذي سبق لي من الهدى إلى الدنيا تاما سويا، وحفظتني في المهد طفلا صبيا، ورزقتني من الغذاء لبنا مريا، وعطفت علي قلوب الحواضن، وكفلتني الأمهات الرواحم، وكلأتني من طوارق الجان، وسلمتني من الزيادة والنقصان، فتعاليت يا رحيم يا رحمن، حتى إذا استهللت ناطقا بالكلام، أتممت علي سوابغ الإنعام، وربيتني زائدا في كل عام، حتى إذا اكتملت فطرتي، واعتدلت مرتي، أوجب ت علي حجتك بأن ألهمتني معرفتك، وروعتني بعجائب حكمتك، وأيقظتني لما ذرأت في سمائك وأرضك من بدائع خلقك، ونبهتني لشكرك وذكرك، وأوجب ت علي طاعتك وعبادتك، وفهمتني ما جاءت به رسلك، ويسرت لي تقبل مرضاتك، ومننت علي في جميع ذلك بعونك ولطفك، ثم إذ خلقتني من خير الثرى، لم ترض لي يا إلهي نعمة دون أخرى، ورزقتني من أنواع المعاش، وصنوف الرياش، بمنك العظيم الأعظم علي، وإحسانك القديم إلي، حتى إذا أتممت علي جميع النعم، وصرفت عني كل النقم، لم يمنعك جهلي وجرأتي عليك، أن دللتني إلى ما يقربني إليك، ووفقتني لما يزلفني لديك، فإن دعوتك أجبتني، وإن سألتك أعطيتني، وإن أطعتك شكرتني، وإن شكرتني زدتني، كل ذلك إكمالا لأنعمك علي وإحسانا إلي،

نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست