فهاتان الآيتان الكريمتان ذكرتا شروطا كثيرة للفلاح،
وأخبر أن الرحمة الإلهية تتحقق لأهلها المهتدين بهديها .. أما من عداهم، فتتحقق
لهم رحمتهم الخاصة بهم، وهي الرحمة التي تشبه ذلك الألم الذي يصيب به الأستاذ
تلميذه الكسول حتى يعود إلى وعيه، بخلاف الجوائز التي يسلمها للنجباء ليستمروا في
جدهم وعملهم.
وهكذا نجد القرآن الكريم يذكر أن لمغفرة الله تعالى
الناتجة عن اسمه [الغفور] محلها الخاص بها، وهو تحقق ألقابلية في الذي يريد أن
يُغفر له، والتي عبر عنها قوله تعالى عند ذكر شروط توبة المنافقين: {إِنَّ
الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ
نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِالله
وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأولئك مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ الله
الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 145، 146]
وهذه النصوص وغيرها تدل على كيفية الجمع بين الرجاء
والخشية، والأمل والشفقة، وحسن الظن والخوف .. فلكل منها محله الخاص به، فلا تناقض
بينها، ولا نفور.
فالمؤمن يرجو الله، ويحسن الظن به، ويأمل في فضله،
نتيجة معرفته بأسماء لطفه ورحمته وكرمه .. وذلك ما يملؤه سرورا وسعادة وفرحا، كما
قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ الله
نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 268