نام کتاب : منابع الهداية الصافية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 221
هذه الآية: (أفرأيتم اللات والعزى
ومناة الثالثة الأخرى) قال: فأجرى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى،
وشفاعتهن ترجى، مثلهن لا ينسى؛ قال: فسجد النبي حين قرأها، وسجد معه المسلمون
والمشركون؛ فلما علم الذي أجرى على لسانه، كبر ذلك عليه، فأنزل الله:
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا
تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي
الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾
[الحج: 52][1]
وكعادة ابن تيمية في مثل هذه
المسائل فإنه يبدأها عادة بتهوينها، وذكر الخلاف فيها، ثم ببيان أن السلف الذين هم
المتحدث الرسمي باسم الدين يرون رأيا معينا، ثم يجتهد في الانتصار لهم، ثم يختم
ذلك بتبديع وتضليل من خالفهم، وقد يذكر ذلك التبديع والتضيل في المحل نفسه، وقد
يؤجله لمحل آخر..
فمن أقواله في ذلك: (النبي هو
المنبئ عن الله، والرسول هو الذي أرسله الله تعالى، وكل رسول نبي وليس كل نبي
رسولا، والعصمة فيما يبلغونه عن الله ثابتة فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين..
ولكن هل يصدر ما يستدركه الله فينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم الله آياته؟ هذا فيه
قولان: والمأثور عن السلف يوافق القرآن بذلك.. والذين منعوا ذلك من المتأخرين
طعنوا فيما ينقل من الزيادة في سورة النجم بقوله: (تلك الغرانيق العلى، وإن
شفاعتهن لترتجى)، وقالوا: إن هذا لم يثبت، ومن علم أنه ثبت: قال هذا ألقاه الشيطان
في مسامعهم ولم يلفظ به الرسول، ولكن السؤال وارد على هذا التقدير أيضا، وقالوا في
قوله: ﴿إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي
أُمْنِيَّتِهِ﴾ [الحج: 52] هو حديث النفس، وأما الذين قرروا ما نقل عن
السلف فقالوا هذا منقول نقلا ثابتا لا يمكن القدح فيه والقرآن يدل عليه.. فقالوا
الآثار في تفسير هذه الآية معروفة ثابتة في كتب التفسير، والحديث، والقرآن