قال: نحن هالكون، ولكن فطرنا مملوء ة بحب الحياة، ألم
تسمع قوله تعالى:{ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ
أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى} (طـه:120)
قلت: بلى.. فما في هذه الآية من فطرة الخلود؟
قال: لولا أن الله ملأ فطرة الإنسان بحب الخلود ما
جاءه الشيطان من هذا الباب.
قلت: صدقت.. فالشيطان لا يرتع إلا فيما يحمله الإنسان
من معاني.. فهو يبحث عنها ليقلب حقائقها.
قال: ولهذا.. فإن من أراد الحياة الخالدة يحتاج إلى
التعلق بالخالد الذي لا يموت، ألم تسمع قوله تعالى:{ وَتَوَكَّلْ عَلَى
الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ
عِبَادِهِ خَبِيراً}(الفرقان:58)، ففي الآية إشارة صريحة إلى هذا الشعاع الذي
يخرجك من الأكوان ليربطك برب الأكوان.
قلت: ألهذا نرى النصوص الكثيرة تخبر عن هلاك الأموال،
وذهاب العز عن أهله، كقوله تعالى عن أصحاب الجنة:{ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ
مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ}(القلم:19 ـ 20)