بعد أن عدت من رحلتي
العجيبة مع معلم السبلام، بادرني بقوله: لم تسألني عن موقع هذه المدائن، عهدي بك
سؤولا؟
قلت: أعلم أن ملك الله
عظيم، وقد أخبرتني بأنا لم نبرح الأرض، فاكتفيت بهذا، وقلت: لعلها جزيرة من
الجزائر المجهولة، كتلك الجزيرة التي تحدث عنها سندباد البحري.
قال: لا.. لقد ذهبت بعيدا،
فلا أحسب أن هناك جزيرة لم تدسها أقدام قومك، وهم يبحثون عن الذهب.
قلت: فأين كنا إذن، أفي
المريخ، أم في القمر؟
قال: لقد كنا في مدينة
واحدة من مدائن الغنى بالله، وكل تلك الكنوز التي رأيتها، والتي سال لعابك لها
كنوز رجل واحد.
قلت: كل تلك الثروة لرجل
واحد.. ما أغناه، لا أرى أن على البسيطة من هو أغنى منه.. هذا حقيق أن يحسد.. بل
أخاف أن يقتل.
قال: لا تخف.. فالناس جميعا
يحتقرون ثرواته ولا يتلفتون لها، بل يضحكون منها، ويهزؤون منه.
قلت: ما أبعدهم.. أليس لهم
أعين يبصرون بها، أو آذان يسمعون بها؟
قال: { لَهُمْ قُلُوبٌ لا
يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا
يَسْمَعُونَ بِهَا }(لأعراف: 179)