نام کتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 33
شخصية صلاح
الدين انطبعت في ذهن الناس بمظهر العسكري والمجاهد، الذي يقارع الصليبيين، ويفتح
البلدان وخاصة بيت المقدس، ويدافع عن بلاد المسلمين، فإن جوانب أخرى في شخصية صلاح
الدين جديرة بالدراسة والتأمل.. إحدى تلك الجوانب تتمثل باهتمامه بنشر مذهب أهل
السنة، وإقامة المدارس والأوقاف لذلك، خاصة في مصر، التي عانت أكثر من قرنين من
الزمان من حكم الدولة العبيدية الفاطمية، وهي دولة شيعية إسماعيلية. ومع حرص صلاح
الدين على مذهب أهل السنة، ومحاربة ضلالات العبيديين، اهتم بمحاربة الأفكار
المنحرفة المنضوية تحت لواء أهل السنة، كما تمثل ذلك في مصادقته على حكم الإعدام
بحق أحد الزنادقة المتصوفة، المعروف بالسهروردي المقتول سنة 587هـ)[1]
وهكذا أصبح قتل
الفلاسفة والمفكرين منقبة من المناقب، وكيف لا تكون كذلك، وهم ورثوا من أسلافهم من
الفئة الباغية تلك الجرائم التي يندى لها الجبين في قتل المثقفين بحجة الردة
والزندقة.
وقد ذكر صلاح
الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ) الجنابة التي جناها السهروردي على
نفسه عندما حدثها بالجلوس إلى أولئك الظلمة، فقال: (ودخل ـ أي السهروردي ـ إلى
حلب، واجتمع بالظاهر غازى ابن صلاح الدين، واستماله، وأراه أشياء، فارتبط عليه؛
فبلغ الخبر صلاح الدين، فكتب إليه يأمره بقتله ـ طبعا من دون محاكمة ـ وصمم عليه،
فاعتقله في قلعة حلب؛ فلما كان يوم الجمعة بعد الصلاة سلخ ذي الحجة سنة سبع
وثمانين وخمس ماية أخرجوه ميتا من الحبس؛ فتفرق عنه أصحابه، وقيل صلب أياما)[2]
[1]
انظر مقالا بعنوان: صلاح الدين يقتل السهرَوردي الزنديق، مجلة الراصد، العدد
التاسع والثلاثون - رمضان 1427 هـ.