نام کتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 142
المستنقع الأندلسي الذي دام
ثمانية قرون كاملة: إن الغرض من ذلك هو تحريرهم، وبناء على طلبهم.
ولا بأس؛ فنحن يمكن أن نصدق هذا
بسهولة، فالدول قد يحتاج بعضها إلى بعض، بل إن الله تعالى أمرنا أن نتدخل لإنقاذ
المستضعفين إذا ما طلبوا منا ذلك، أو كان لنا القدرة على نجدتهم حتى لو لم يطلبوا؛
فقد قال تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ
مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا
أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ
لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75]
لكنّ تحرير المستضعفين شيء،
والاستيلاء على أرضهم واغتصابها شيء آخر.. وهذا من المعلوم بالفطرة والبداهة، فهل
يمكن للشرطي الذي تدعوه لإنقاذك من اللص، ألا يكتفي بطرد اللص، وإنما يطردك أنت
أيضا، ثم يستولي على ممتلكاتك، وقد يعرضك أنت أيضا للبيع إن كان هناك سوق نخاسة؟
وهل يمكن أن نقبل في العصر
الحالي من أمريكا التي زعمت أنها دخلت بجيوشها لتحرر العراق من الاستبداد، أو
أفغانستان من المتطرفين، أن تمكث فيها بعد ذلك، أم أننا نعتبر ذلك عدوانا مشينا
يجوز رده، بل يجب رده؟
وهذا ما حصل بالضبط في الأندلس،
فنحن قد نقرّ أن دخول المسلمين إليها كان بدوافع إنسانية، وأن الأندلس كانت حينها
محتلة مضطهدة، وأن المسلمين لم يكونوا هم المبتدئين للاحتلال، وإنما كان دورهم
قاصرا على إخراج الظالم المحتل[1].
ولكن كان يمكن للمسلمين بعد
الانتهاء من دورهم الإنساني أن يتركوا البلاد لأهلها،
[1]
كما قال الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه [العلاقات الدولية في الإسلام، ص83] معبرا
عن موقف الإسلام من هذه الناحية: (الإسلام ينظر إلى الرعايا الذين يُحكَمون بالظلم
ويُقيدون في حرياتهم نظرة رحيمة عاطفة ، ينصرهم إذا استنصروه ، ويرفع عنهم نير
الطغيان إن هم استعانوا به)
نام کتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 142