نام کتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 143
ويمكنهم أن يستأذنوا في أن يبقوا
ضيوفا عندهم.. وطبعا لن يرفض الأندلسيون ذلك، بل سيرحبون به، بل سيطالبون الفاتحين
حينها بأن يمكثوا معهم، ليحموهم، وليتعلموا منهم تلك الأخلاق الرفيعة التي جعلتهم
يضحون بنفوسهم في سبيل نجدتهم.. وحينها كان يمكن بسهول كبيرة أن يدخل الأندلسيون
في دين الله أفواجا، بعد أن يروا ورع الفاتحين وزهدهم وأخلاقهم العالية..
وكان يمكن كذلك أن تهبّ جميع
الممالك الأوروبية لطلب نجدتهم في إنقاذهم من المستبدين الذين يحكمونهم، عندما
يرون ما فعله المسلمون في الأندلس.. وحينها يمكن أن يتحقق الفتح الإسلامي الحقيقي
ليس للأندلس فقط، وإنما لأوروبا جميعا.
لكن كل ذلك للأسف لم يحصل، مع
أنه كان يمكن أن يحصل لو أن قادة الفاتحين اتبعوا الرؤية القرآنية، ولم يتبعوا
رؤية الإسكندر المقدوني ونابليون وغيرهم من المجرمين..
وسبب ذلك هو أن مطامع قادة
المسلمين وخلفاءهم، لم تكن لتقنع بذلك.. ذلك أنهم لم يكونوا يختلفون كثيرا عن
المستعمرين والطغاة في كل العصور؛ فهم لم يضيفوا لأنفسهم سوى لقب الإسلام،
وتصووروا أنه يمكنه أن يخول لهم استعمار ما شاءوا من الأراضي، واستعباد من شاءوا
من البشر، ونهب ما شاءوا من الأموال.
ولهذا لم يقنعوا بما قاموا به من
تحرير، بل تحولوا مباشرة من محررين إلى مستعمرين، ومن مدافعين مخلصين إلى مغتصبين
سارقين.. والدليل على ذلك كل تلك الحملات العسكرية الكثيرة التي لم تكف أبدا عن
المسلمين، تواجههم، وتستعمل كل الوسائل لطردهم، وكان في إمكان المسلمين أن يحترموا
أنفسهم، ويخرجوا من الأرض التي لا يملكونها بعزة نفس.. لكنهم لم يفعلوا إلا بعد أن
قدموا مئات آلاف الضحايا، إن لم نقل ملايين الضحايا، ذلك أن الحروب لم تكن لتهدأ
حتى تبدأ من جديد.
نام کتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 143