وأكبر دليل على ذلك هو أنه لم يحضر ذلك
الموقف، كما ورد في الرواية إلا حيي بن أخطب النضري، وكعب بن أسد القرظي، وكلاهما
يهوديان، وماتا على اليهودية؛ فمن روى الحادثة بتلك الصفة، وهل يمكن قبول الرواية
اليهودية؟
النموذج الثاني:
ويتمثل في
الروايات التي تدل على مدى تمسك اليهود بدينهم، وتضحياتهم في سبيله، وعدم لجوئهم
إلى النفاق والحيل والخداع كما يذكر القرآن الكريم عنهم؛ مع أنه كان يمكنهم أن
يفعلوا ذلك، ويحققوا النجاة لأنفسهم.
ومن تلك
الروايات ما حدث به ابن إسحق قال: (وحاصرهم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
خمسا وعشرين ليلة، حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وقد كان حيي بن
أخطب دخل مع بني قريظة في حصنهم، حين رجعت عنهم قريش وغطفان، وفاء لكعب بن أسد بما
كان عاهده عليه. فلما أيقنوا بأن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
غير منصرف عنهم حتى يناجزهم، قال كعب ابن أسد لهم: يا معشر يهود، قد نزل بكم من
الأمر ما ترون، وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا، فخذوا أيها شئتم، قالوا: وما هي؟
قال: نتابع هذا الرجل ونصدقه فو الله لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل، وأنه للذي
تجدونه في كتابكم، فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم، قالوا: لا نفارق
حكم التوراة أبدا، ولا نستبدل به غيره، قال: فإذا أبيتم علي هذه، فهلم فلنقتل
أبناءنا ونساءنا، ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالا مصلتين السيوف، لم نترك