بـ (ردود أهل
العلم على الطاعنين في حديث السحر وبيان بعد محمد رشيد رضا عن السلفية)[1]
وإنكار هذه
الحادثة يستدعي إنكار ما روي في مجزرة بني قريظة، ذلك أن تشويه النبوة فيها أعظم،
كما سنرى في الروايات الواردة فيها؛ فهي ترمي رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بكل ما يتنافى مع النبوة من قيم وأخلاق.
ثانيا ـ المجزرة والأحكام العملية:
لم يكتف العلماء بإنكار ما يتعارض مع الروايات
مع الحقائق العقدية القرآنية، بل نراهم ينكرون الأحاديث التي لا تتناسب مع مصادرهم
أو رؤاهم الفقهية التي يعتمدونها، حتى لو كانت أقوى سندا من الروايات المرتبطة
بمجزرة بني قريظة.
وقد حصل هذا في
كل العصور ابتداء من العصر الأول، وقد قال الغزالي في (المستصفى): (وما من أحد من
الصحابة إلا وقد رد خبر الواحد.. فمن ذلك توقف رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم عن قبول خبر ذي اليدين حيث سلم عن اثنتين حتى سأل
أبا بكر وعمر وشهدا بذلك وصدقاه، ثم قبل وسجد للسهو.. ومن ذلك رد أبي بكر خبر
المغيرة بن شعبة من ميراث الجد حتى أخبره معه محمد بن مسلمة. ومن ذلك رد أبي بكر
وعمر خبر عثمان فيما رواه من استئذانه الرسول في رد الحكم بن أبي العاص وطالباه
بمن يشهد معه بذلك. ومن ذلك ما اشتهر من رد عمر خبر أبي موسى الأشعري في الاستئذان
حتى شهد له أبو سعيد الخدري.. ومن ذلك رد علي خبر أبي سنان الأشجعي في قصة بروع
بنت واشق وقد ظهر منه أنه كان يحلف على الحديث. ومن ذلك رد عائشة خبر ابن عمر في
تعذيب الميت ببكاء أهله عليه. وظهر من عمر نهيه لأبي موسى وأبي هريرة عن الحديث عن
الرسول، وأمثال ذلك مما يكثر)[2]
[1] ردود أهل
العلم على الطاعنين في حديث السحر، مقبل بن هادي الوادعي، دار الآثار، صنعاء،
1420، ص7.
[2] المستصفى،
أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي، تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي، دار
الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1413هـ - 1993م (ص: 122)