لا تقل في فضاعتها، وفي اصطدامها مع
العقيدة الإسلامية من شبيهاتها اللاتي ينكرونها؟
فهذه المجزرة تصطدم أول ما تصطدم
بالعدالة الإلهية ـ كما سنرى ـ ذلك أنهم يصورون أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
قتل أولئك الشباب الصغار وغيرهم من غير أن يقيم عليهم الحجة بدعوتهم للإسلام،
وبذلك يكونون قد ماتوا على الكفر، واستحقوا الخلود في جهنم، مع أنهم لم تُتح لهم
الفرص الكافية لاستماع الحجج أو فهمها والانصياع لها.
مع العلم أن هؤلاء الذين يذكرون هذا
يعتبرون صناديد قريش من أمثال أبي سفيان وصفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وهند
وغيرهم، من الصحابة الذين يجلونهم، ويحرمون الطعن فيهم، مع ما فعلوه مع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،
وكل ذلك لكونهم لم يُقتلوا، ولو أنهم قتلوا مثلما يذكرون عن قتل أطفال بني قريظة،
لسُجلوا ضمن الكفرة المجرمين، لا ضمن الصحابة المبجلين.
وكذلك تصطدم هذه المجزرة بعصمة رسول
الله a، وتظهره بصورة السفاح القاسي الذي لم ينزل عقوبته على رؤساء المجرمين
فقط، وإنما أنزلها على أهلهم أيضا، حيث ذبح شبابهم، وباع نساءهم وأطفالهم مع كونهم
لم يرتكبوا أي جريمة، بل مرتكب الجريمة هم الرؤساء، والملأ من بني قريظة، أما
عوامهم ونساؤهم وأطفالهم، فلا علاقة لهم بذلك.
ولهذا نرى القرآن الكريم عند ذكره
للمجرمين من أهل القرى، يذكر أن المستكبرين منهم والملأ هم الذين يقفون في وجه
الرسل لا الضعفاء، والذين لا شك في دخول النساء والأطفال وعوام الناس فيهم، قال
تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي