مائة. وقد قالوا
لكعب بن أسد، وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أرسالا: يا كعب، ما
تراه يصنع بنا؟ قال: أفي كل موطن لا تعقلون؟ ألا ترون الداعي لا ينزع، وأنه من ذهب
به منكم لا يرجع؟ هو والله القتل! فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم)[1]
وهكذا اكتفى
بهذه الفقرة التي تعلق بها المستشرقون والمستغربون والإرهابيون، وبعض الذين
تساهلوا في الأمر من المحققين، مع العلم أن المسافة بين الأرقام هائلة جدا، وهي
تكفي وحدها لنسف الرواية من أصلها.
والعجيب أن
هؤلاء الذين ذكرهم، والذين كانوا يتحصنون في حصون مشيدة، جمعوا في دار واحدة، هي
دار بنت الحارث، امرأة من بني النجار، من غير أن يبدو أي مقاومة، أو استغاثة أو
توسل على الرغم من علمهم بالمصير الذي ينتظرهم.
بناء على هذا
نحاول هنا ـ باختصار ـ بيان علاقة هذه المجزرة بأحكام العقائد والفقه، وأنه ينبغي
لذلك تطبيق التشدد المرتبط برواياتها على ما روي في هذه الغزوة.
أولا ـ المجزرة والقضايا العقدية:
من الأدلة الكبرى التي يمكن اعتمادها في
السجال مع الذين ينتصرون لتلك المجزرة، ويتبنونها، على الرغم من هشاشة أدلتها هو
كونهم ينكرون أحداثا أخرى في السيرة، أو ترتبط برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم مما رواه
أصحاب السير والشمائل، بل حتى أصحاب الحديث، بحجة تعارضها مع قضايا عقدية من أمثال
عصمة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، أو غيرها، بحسب المذاهب التي تتبنى هذا النوع من الإنكار.
وهذا ما يوقعهم في الحرج، ذلك أن تلك
الروايات التي يرفضونها قد تكون بطرق أكثر، وبأسانيد أفضل، فكيف يرتضون لأنفسهم أن
يردوا القوي، ويقبلوا الضعيف، ثم تكون حجتهم في الرفض مخالفة الرواية للعقيدة، مع
أن المجزرة التي يروونها، ويقبلونها،