نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والطرق الصوفية وتاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 56
وقد كانت هذه الأحداث محل مناقشة كثيرة بين مؤيد لهذا
العمل الذي قامت به الجمعية، ورافض له يعتبر أن آثاره السلبية أخطر بكثير من آثاره
الإيجابية، ولغل خير من يمثل هذا التوجه هو الأستاذ الكبير مالك بن نبي، الذي انتقد بشدة ما آلت إليه الأمور في
المؤتمر الجزائري، وانتقد سير الجمعية مع القافلة السياسية.
ومهمة هذا النقد هو ما
أبرزه من تصوير للواقع الجزائري في تلك الفترة، والذي صار (أكثر جدباً وأفشى
قحطاً، لم تبق فيه تلك الرابطة التي كان المرء يشعر بها بين القلوب والعقول
المجتمعة حول قضية في جو يضفي عليها القداسة... بل هذه القضية نفسها أصبحت كأنها
ذابت وتبخرت في طوفان من كلام، إذ أصبح كل مقهى سوق عكاظ، وكل مائدة فيها أصبحت
منصة يخطب من حولها بما شاء ولمن شاء وكيفما شاء)[1]
ويعزو ابن نبي سبب هذا
التحول إلى تسليم (القيادة (المعمَّمة) زمام الأمر للقيادة (المطربشة[2]، حتى على رأس المؤتمر الجزائري الإسلامي، الذي ذهب أول ضحية
لهذا التسليم، وبدأ ظهور (الجبهة الشعبية) بفرنسا يضيف مفعوله الخاص إلى الانهيار
الذي حدث بالجزائر، فأصبح كل جزائري ذا اهتمام سياسي يعلن عضويته في الحزب
الاشتراكي الفرنسي، حتى بعض هيئة أركان حزب الإصلاح)[3]
ويذكر بقاء تأثير هذا
الحدث على الجزائريين لعقود، فيقول: (وإنني لأرى، وأنا أحرر هذه السطور بعد مضي
ثلث قرن، نتائج هذا الانحراف في المظاهرة الطلابية التي تمر هذه
[2] (المطربشة) كناية عن
الزعماء السياسيين خريجي الجامعات، وهذه المصطلحات كانت قد ظهرت في مصر أثناء
الصراع بين قيادات الأخوان المسلمين أصحاب العمائم الأزهريين وبين خريجي الجامعات
من (الأفندية) كما كانوا يسمون.