نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والطرق الصوفية وتاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 45
ابن باديس كل تلك الإغراءات بقوة
وشجاعة[1]، فذكر أنه بعد تأسيس الجمعية رسمياً، وبروز خطها الإصلاحي
الجهادي، استدعى الوالي العام (ميرانت) بقسنطينة الشيخ ابن
باديس ووالده مصطفى بن باديس، وعرض على الشيخ أن
يختار لنفسه أية وظيفة يرغب فيها (مفتي أكبر.. أو قاضي قضاة مثلا) على شرط واحد هو
أن يتخلى عن رئاسة جمعية العلماء، قائلا له : (يا شيخ اترك عنك هذا العارـ اخرج من
هذه الحشومة، ودع هذه الجماعة المسكينة التي جمعها عدو فرنسا بالنادي، فليس هؤلاء
الرجال رجالك، وليست هذه الحثالة من الطلبة ممن يفتخر العالم بالانتساب لهم، أو أن
يكون رئيسًا عليهم) وأمام هذا الاقتراح تأجج شعور الإمام ضد الوالي، وحاول الرد
عليه، لولا وقوف والده وبكائه وإلحاحه عليه بقبول العرض بسبب أن الأسرة مقبلة على
الإفلاس وأنه بقبوله تعلن الحكومة الفرنسية استعدادها لعملية الإنقاذ، بإضافة
مساعدة مالية قصد تحسين الأوضاع الفلاحية والاقتصادية.
واقتضت حكمة الإمام ابن
باديس، أن طلب فرصة قصيرة
للتفكير والاستخارة حتى الصباح الموالي.. وخرج الإمام دار الولاية العامة، متأثرًا
منفعلاً باكيًا مدركًا السر الإلهي في يتم الرسول a منذ صباه الأول، يقول:
(اليوم فقط عرفت السر، وعرفت معه كيف يكون الابتلاء بالنعمة وبالنقمة معًا،
وبالخير والشر معًا وصدق الله القائل: (وَنَبلُوكُم بِالشَرِّ والخَيرِ فِتْنَة
وَإلَيْنَا تُرجَعُونَ)
وفي اليوم الموال كتب
ابن باديس جوابه إلى ميرانت قال له فيه : (اقتل
أسيرك يا ميرانت، أما أنا فمانع جاري!
اقتل يا ميرانت مصطفى بن باديس، واقتل معه عبد الحميد
بن باديس، واقض على كل أسرة ابن
باديس، إن منحك الله هذه
القدرة، ولكنك لن تصل ابدًا إلى قتل جمعية العلماء بيدي، لأن جمعية العلماء ليست
جمعية عبد الحميد بن باديس، وإنما هي
[1] انظر: محمد
الطاهر فضلاء : دعائم النهضة الوطنية الجزائرية، ط1، دار البعث، قسنطينة،
الجزائر 1968 م، ص : 102-104.
نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والطرق الصوفية وتاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 45