هذا ما ذكره الزاهري عن الحادثة بعد مرور سنة عليها، وقد
رأينا أنه - للأسف – لم يذكر ما جرى في ذلك الجمع، وما قاله
الطرفان، وأن كل ما ذكره مجرد تحامل خطابي على الطرقيين ورميهم إما بالمقاصد
الخسيسة، وإما بالعي والحصر وعدم القدرة على البيان والبلاغة شأن رجال الجمعية
الإصلاحيين.
ونفس الأمر يكاد يذكره – ولو بصياغة أخرى أكثر أدبا- الإبراهيمي، فهو عند استعراضه لذلك المجلس المشؤوم
الذي تصدع فيه شمل الجمعية، لم يذكر ما قيل وما حصل بالتفصيل، وإنما اكتفى بذكر
قدرات الإصلاحيين مقارنة بقدرات الطرقيين، ونيات المصلحين وأغراضهم مقارنة بنيات
الطرقيين وأغراضهم.
فتحت عنوان (جمعية
العلماء حقيقة واقعة) كتب يقول: (رأيت الآن أن السر في تأسيس جمعية العلماء بتلك
السهولة وبتلك المحاولة الهينة هو استعداد الأمة لظهور هذا المشروع العظيم فيها.
فانقادت إليه بشعرة، وانجرت إلى بناء صرحه بنملة، وعلمت مما أجملناه لك من مراحل
هذا المشروع أن الشعور به كان من نصيب طبقات مخصوصة وهم المتأثرون بالإصلاح، وفي
ناحية محدودة من القطر وهي إقليم قسنطينة، ثم تغلغل في الأقاليم الثلاثة في بضعة
أعوام وتحوّل التفكير في مكان التأسيس من قسنطينة التي هي الجناح إلى الجزائر التي
هي القلب، ومعنى هذا كله أن الأمة الجزائرية استيقنت سفه الأيدي التي كانت تقودها
باسم الدين فصممت على التفلت منها وإلقاء المقادة إلى أيدي العلماء لتبتدئ السير
في نهضتها على هدى وبصيرة، فقالت للعلماء اجتمعوا فاجتمعوا)[2]
[1] الأستاذ
الزاهري، يوم 23 ماي 1932، جريدة الشريعة النبوية، السنة الأولى، ص6.