نام کتاب : الإمامة والامتداد الرسالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 256
وقال في موضع آخر ذاكرا مدى قوته، وكيف حاول المحدثون تحريفه
وتجاهله: (وهو من حديث أبي ذر، وله شاهد من حديث ابن عمر من ثلاث طرق عنه،
وأسانيده صحيحة في الجملة، وهي أصح من تلك التي في أبي جهل على الأقل، مع توفر
الدواعي على كتم الأولى ونشر الثانية، ثم له شواهد كحديث التابوت والموت على غير
الملة والدعوة إلى النار.. وكل مثالب معاوية تشهد لبعضها، كلها نفاق وبغي ونار
وظلم وفرعنة.. وقد حاول بعض أهل الحديث زحلقة هذا الحديث إلى أبي جهل والسند في
ذلك منقطع، وأبو جهل لا يشبه فرعون لا في سلطانه ولا سحرته! وليس له أثر في الأمة،
إنما ذلك معاوية، خاصة مع صحة الأسانيد في ذلك، ويمكن للتحقق من ذلك استعراض
الآيات التي تحدثت عن فرعون، ثم النظر في سيرة معاوية، وسيندهش المتدبر، ولا يمنع
السلفية من التصحيح إلا ألفتهم للمألوف ووحشتهم من الغريب، مع اعترافهم بأن الحق
سيعود غريباً مع غربة الإسلام نفسه، فالغربة قد تكون من معايير الصحة وليس العكس،
وقد فهم النواصب هذا الحديث في معاوية، فلذلك حاول بعضهم معارضته وتشبيه علي
بفرعون بدلاً من معاوية؛ كما فعل ابن تيمية[1]وهذه طريقة ابن تيمية، فكل الأوصاف التي
عاب بها علياً في منهاج السنة إنما وجدها وتحقق أنها في معاوية، فلذلك أراد قطع
الطريق على من تسول له نفسه اتهام معاوية، بتهديده بأن هذا الوصف أو ذاك أقرب إلى
علي بن أبي طالب، فآذن الله بالمحاربة كمعاوية، حاربه معاوية بالسيف بدعوى دم
عثمان وحاربه ابن تيمية بالقلم بدعوى السلفية، والاثنان من الدهاة، أخذ الأول أكثر
الأمة في القرون الأولى، وأخذ الثاني نصف الأمة في القرون الأخيرة! فإذا كان هذا
دهاء الفقيه - الذي ليس معه دولة - وهو ابن تيمية في محاربة الإمام علي، وقد أخذ
نصف الأمة معه، فكيف بدهاء المنافق الذي