نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 253
وقد روي في الحديث عن رسول الله a ما يبين قيمة المحبة في الله،
وكونها تجمع بين المؤمنين مهما اختلفت ديارهم وأزمنتهم، قال رسول الله a: (لو أن رجلين تحابا في الله،
أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب، لجمع الله بينهما يوم القيامة، يقول: هذا الذي
أحببته في)([228])
وهذا الحديث لا يفهم منه فقط ما
نعرفه من البعد المكاني، بل يدخل فيه أيضا البعد الزماني، حيث يلتقي المؤمنون بكل
من يحبونهم من أنبياء الله ورسله والأولياء والصالحين، وكل من هفت قلوبهم محبة
لهم.
ولذلك فإن مجتمع أهل الجنة مملوء
بأهل العلم والتقوى والحكمة، لا كما يشيع المنحرفون، من أن الجنة محل للشهوات
الحسية، لا للمعاني العقلية والروحية، وكيف تكون كذلك، وفيها الأنبياء والأولياء
والصالحين والعلماء.. وكلهم يبقى بنفس اهتماماته ورغباته التي رحل بها من الدنيا.
وفضل الله تعالى ـ أيها المريد
الصادق ـ على المؤمنين بذلك لا يقتصر على الآخرة، بل إنه وفر له في الدنيا كل ما
يدعمه ويقويه، ولذلك يذكر الله تعالى فضله على أنبيائه والصالحين من عباده بردهم
إلى أهلهم، ونجاتهم معهم، كما قال تعالى عن لوط عليه السلام: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ
وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾ [الأعراف: 83]
وذكر نوحا عليه السلام، فقال: ﴿وَنُوحًا
إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ
الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنبياء: 76]
وذكر أيوب عليه السلام، فقال: ﴿وَوَهَبْنَا
لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي
الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 43]