نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 161
وهل يمكن لمن يعيش في جنة الوصال الإلهي أن يتسرب إليه الألم أو الحزن..
ولذلك فإن سعادة المقربين لا تدانيها أي سعادة أخرى.. ذلك أنهم متصلون
بعز الأزل والأبد.. وبالجمال الذي لا حدود له.. فهم في كل لحظة يعيشون عيدا جديدا،
وفرحة جديدة، وبحسب تلك الأنوار التي تلوح لهم، والحقائق التي تمتلئ بها لطائفهم.
ولذلك لا يجدون لغة تعبر عن سعادتهم ونشوتهم إلا باستعارة تلك اللغة التي
يستعملها البشر حين يذكرون آثار الخمر فيهم، وكيف تنتشي لها أرواحهم، كما عبر عن ذلك
بعضهم بقوله: (من جملة ما يجري في كلامهم الذوق والشرب، ويعبرون بذلك عما يجدونه
من ثمرات التجلي ونتائج الكشوف وبوادر الواردات.. وأول ذلك الذوق ثم الشرب ثم الري..
فصفاء معاملاتهم يوجب لهم ذوق المعاني ووفاء منازلاتهم يوجب لهم الشرب، ودوام
مواصلاتهم يقتضي لهم الري.. فصاحب الذوق متساكر، وصاحب الشرب سكران، وصاحب الري
صاح، ومن قوي حبه تسرمد شربه، فإذا دامت به تلك الصفة لم يورثه الشرب سكراً، فكان
صاحياً بالحق فانياً عن كل حظ) ([124])
وقد قال شاعرهم معبرا عن آثار تلك النشوة العظيمة التي يحدثها الوصال مع
الله:
ومقعد قوم قد مشى من شرابنا
***
***
وأعمى سقيناه ثلاثاً فأبصرا
وأخرسٌ لم ينطق ثمانين حجة
***
***
أدرنا عليه الراح يوماًفاخبرا
وآخر بين الناس لا يعرف الهوى
***
***
سقى قطرة من خمرنا فتحيرا