نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 332
كتبت إلي ـ أيها المريد
الصادق ـ تسألني عن السكون والسكينة النفسية التي تملأ نفوس الصالحين، ولو في أحلك
الظروف وأشدها، وعن منابعها، ودرجاتها.
وجوابا على سؤالك الوجيه
أذكر لك أن السكون والسكينة من نعم الله تعالى المفاضة على خلقه جميعا، ولذلك ترى
الكون ممتلئا بالاستقرار والنظام والهدوء مع كونه في ذاته مليئا بكل أنواع
الحركات.. فالحركة لا تنافي السكون، وإنما تنافي الاضطراب والقلق والانزعاج
وغيرها.
وبما أن الصالحين مندمجين
مع الكون جميعا في عبوديته وسجوده وقنوته لله؛ فإن تلك السكينة تتنزل عليهم كما
تتنزل على كل شيء.. ذلك أنها مرتبطة بالخضوع لله ومد اليد إليه، فمن فعل ذلك،
وتحقق منه، حظي لا محالة بالهدوء والسكون والسكينة والطمأنينة.
أما من خالف ذلك، وراح
يسكن إلى أشياء أخرى؛ فإنه يصاب بالاضطراب، لكونه مد يده للمضطرب والمتزلزل
والمتحرك، ولا يمكن لمن أمسك بالمتزلزل ألا يتزلزل معه.
ولهذا يخبر الله تعالى في
القرآن الكريم عن كون السكينة جزاء لمن وفر لنفسه القابلية لذلك، كما قال تعالى عن
المؤمنين في بعض مواضع الاضطراب التي تعرضوا لها: ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ
كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ
اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ
كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾ [الفتح: 26]
وهذا يعني أن المؤمنين لم
تصبهم تلك الحمية ولا العصبية التي أصابت الجاهلين، وإنما كانوا هادئين مطمئنين،
وذلك ما جعلهم يقررون القرارات الصحيحة، ولا يخضعون لأي استفزاز، وهو ما وفر لهم
النصر القريب، بخلاف ما لو استجابوا لتلك الحمية
نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 332