وقال آخر: (الزهد على
درجات ثلاث: الدرجة الأولى وهي السفلى منها: أن يزهد في الدنيا وهو لها مشته وقلبه
إليها مائل ونفسه إليها ملتفتة، ولكنه يجاهدها ويكفها، وهذا يسمى: المتزهد.. الدرجة
الثانية: الذي يترك الدنيا طوعاً لاستحقاره إياها بالإضافة إلى ما طمع فيه، كالذي
يترك درهماً لأجل درهمين.. الدرجة الثالثة وهي العليا: أن يزهد طوعاً ويزهد في
زهده فلا يرى زهده، إذ لا يرى أنه ترك شيئاً. إذ عرف أن الدنيا لا شيء، فهذا هو
الكمال في الزهد)([707])
وقال آخر: (الزهد وهو على
ثلاث درجات: الدرجة الأولى: الزهد في الشبهة بعد ترك الحرام بالحذر من المعتبة،
والأنفة من المنقصة، وكراهة مشاركة الفساق.. والدرجة الثانية: الزهد في الفضول وما
زاد على المسكة والبلاغ من القوت، باغتنام التفرغ إلى عمارة الوقت، وحسم الجأش
والتحلي بحلية الأنبياء والصديقين.. والدرجة الثالثة: الزهد في الزهد بثلاثة
أشياء: باستحقار ما زهدت فيه، واستواء الحالات عندك، والذهاب عن شهود الاكتساب
ناظراً إلى وادي الحقائق)([708])
وغيرها من الأقوال التي
ترجع جميعا إلى التقسيم القرآني لأصناف المؤمنين، والتي تجتمع في أهل اليمين والمقربين؛
فزهد أهل اليمين مرتبط بمتاع الدنيا، وزهد المقربين مرتبط بكل ما يصرف عن الله.
هذا جوابي على أسئلتك ـ
أيها المريد الصادق ـ فاحرص على أن تتخلق بهذا الخلق
[706]
محمد بن حسن السمنودي، تحفة السالكين ودلالة السائرين لمنهج المقربين، ص 50.