ثم أصبح بعد ذلك كلمة تدل
على المكارم الأخلاقية الكثيرة، وكان من أسبق المتحدثين عنها الإمام الصادق، فقد
روي عن بعض أصحابه أنه قال: تذاكرنا أمر الفتوة عنده فقال: (أتظنون أن الفتوة
بالفسق والفجور؟ إنما الفتوة طعام موضوع، ونائل مبذول، وبشر معروف، وأذى مكفوف،
فأما تلك فشارة وفسق) ([631])
وهذا النص يدل على أن هذا
المصطلح كان معروفا، لكنه كان منصرفا للفسقة وغيرهم، فحوله الإمام إلى محله
الصحيح.. والذي أصبح بعد ذلك علامة على المكارم الكثيرة.
ومن تلك المكارم ما عبر عنه
الإمام الصادق عندما سئل عن الفتوة، فقال للسائل:(ما تقول أنت؟) فقال:(إن أعطيت
شكرت وإن منعت صبرت)، فقال:(الكلاب عندنا كذلك)، فقال السائل:(يا ابن رسول الله a فما الفتوة عندكم؟)، فقال:(إن أعطينا آثرنا، وإن منعنا شكرنا) ([632])
وهكذا تحدث كل الحكماء
عنها، وعن صفاتها، وقد قال بعضهم في ذلك: (الفتوة: هي الصبر على المكاره، ألم تر
إلى إبراهيم عليه السلام حين صبر على كل بلية فصارت نعمة وعطية، وصبر على إلقائه
إلى النار، فصارت برداً وسلاماً، وصبر على ذبح ولده ففدى بذبح