نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 286
لتصرف عنها كل أسف أو حقد أو انتقام.
ذلك أن العارف بالله، لا تعتريه ذلك الجنون والاضطراب
الذي يعتري غيره، فهو ينظر إلى كل شيء من زاوية التوحيد، ويعتبر كل انتصار للنفس،
أو حقد أو حسد أو عداوة لغيرها، شركا بالله تعالى.
وقد ورد في الحديث أن رسول الله a (ما خير بين أمرين إلا اختار
أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله a لنفسه في شيء قط إلا ان تنتهك
حرمة الله فينتقم لله بها)([618])
وهكذا
ذكر الإمام علي الكثير من منابع اللين والسماحة باعتبارها من علامات المعرفة
بالله، وبحقائق الوجود، ذلك أنه لا يجهل في سلوكه إلا الجاهل بتلك الحقائق.
ومن
تلك الأحاديث قوله في وصف أولياء الله: (إنّ أولياء اللّه هم الّذين نظروا إلى
باطن الدّنيا إذا نظر النّاس إلى ظاهرها، واشتغلوا بآجلها إذا اشتغل النّاس
بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، وتركوا منها ما علموا أنّه سيتركهم،
ورأوا استكثار غيرهم منها استقلالا، ودركهم لها فوتا، أعداء ما سالم النّاس، وسلم
ما عادى النّاس، بهم علم الكتاب وبه علموا، وبهم قام الكتاب وبه قاموا، لا يرون
مرجوّا فوق ما يرجون، ولا مخوفا فوق ما يخافون) ([619])
وقال
في وصف المؤمن: (المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، أوسع شي ء صدرا، وأذلّ شي ء
نفسا، يكره الرّفعة، ويشنأ السّمعة، طويل غمّه، بعيد همّه، كثير صمته، مشغول وقته،
شكور صبور، مغمور بفكرته، ضنين بخلّته، سهل الخليقة، ليّن العريكة، نفسه
[618]
رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.