وغيرها من التقسيمات،
والتي لا يمكن حدها، ولا ضبطها، ذلك أنها تختلف باختلاف درجات السالكين وأحوالهم..
ولكن يمكن ضبطها في منزلتين: الإخلاص الأعلى، والإخلاص الأدنى.. أو إخلاص
المقربين، وإخلاص أهل اليمين، ولكل مقام أحكامه الخاصة به.
أما الأدنى، وهو إخلاص أهل
اليمين، فأدنى درجاته ألا يقصد بالعمل غير الله، وإلا كان ذلك شركا ورياء وسمعة،
وهو من أعظم مثالب النفس الأمارة، والتي لا يمكن أن تصل النفس إلى درجة الطمأنينة
ما لم تتخلص منها.
وأما الأعلى، وهو إخلاص
المقربين، فله مراتب مختلفة بحسب درجة القرب، ولذلك اختلفت التعبيرات المعرفة به؛
فقد عرفه بعضهم بقوله: (الإخلاص فقد رؤية الإخلاص، فإن من شاهد في إخلاصه الإخلاص
فقد احتاج إخلاصه إلى إخلاص)
وقال آخر: (الإخلاص أن
يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة)
وقال آخر: (الإخلاص في
العمل هو أن لا يريد صاحبه عليه عوضاً في الدارين)
وقال آخر: (الإخلاص نسيان
رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق فقط)
ولذلك، فإن العمل لأجل
الظفر بالجنة، أو لأجل النجاة من النار قادح في هذا النوع من الإخلاص.. وهو واضح
للعقول، ذلك أنه لو كان لك صديق تحبه وتقربه إليك، فقال لك يوما: أنا لا أحب
الجلوس إليك، ولا المكث معك إلا لأجل ذلك الطعام الذي تطعمني إياه، أو لأجل أنك
تستضيفني.. أو لأجل أن أستفيد منك شيئا، فإن مثل هذا الشخص لا يستحق ذلك التقريب
الذي وضعته فيه.