نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 13
وبذلك؛
فإن النفس المطمئنة ـ أيها المريد الصادق ـ هي تلك النفس التي تحررت من كل تلك
القيود التي كانت تقيدها، وتحول بينها وبين الكمال المتاح لها.
وإن
شئت أن تعرف سر ذلك؛ فاعلم أن الله تعالى ـ ليتيح للإنسان حرية الاختيار ـ فطره
على صفات كثيرة، يمكنه من خلالها أن ينتقي ما يشاء منها، ليعين حقيقته من خلال ذلك
الاختيار.
والأمر
في ذلك شبيه بتلك الفرص التي تتاح للإنسان في الدنيا ليختار التخصص المناسب
والوظيفة المناسبة، والبيئة المناسبة وهكذا.. في كل شيء يكون له فيه حرية
الاختيار.
وقد
أشار إلى هذا قوله تعالى في بيان حقيقة الإنسان:﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا
مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ
وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة:30)
ففي
هذه الآية إخبار إلهي عن سر ما يكتنزه الإنسان من صفات تؤهله للبر، كما تؤهله
للإثم، ولهذا عندما ذكر الله للملائكة الخلافة ذكروا الإثم، وسفك الدماء، ذلك أن
الخلافة تقتضي الحرية.. والحرية تقتضي الاختيار.. والاختيار يقتضي أن تكون هناك
فرص مختلفة متعددة، وسبل متنوعة.. وكل ذلك يقتضي أن يكون في الإنسان ميل متساو لكل
الطرق ولكل الاتجاهات حتى يحدد بعد ذلك الخيار الذي يتناسب معه ومع طبيعته وعزيمته
وإرادته.
لقد
ذكر الله ذلك فقال عند حديثه عن الإنسان، فقال:﴿ إِنَّا خَلَقْنَا
الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا
بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا
(3)﴾ (الإنسان)
نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 13