نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 414
وبذلك فإنه يمكن تقسيم
الكون إلى: رب وعبيده، فكل ما عدا الله تعالى هو عبد له، وكل الأسماء الحسنى
المرتبطة بتلك العلاقة هي من ضمن تلك الربوبية..
ولذلك كان من ضمن
ربوبية الله تعالى لعباده رزقهم، ورحمتهم، والجود عليهم، وإغاثتهم وهدايتهم..
وغيرها مما وردت الأسماء الحسنى في الدلالة عليها.
وذلك لا يعني ما يتوهمه
المتوهمون من الشرك، باعتبار أن الخلق يقاسمون الرب الوجود؛ فذلك مستحيل.. فوجود
الله وجود حقيقي ثابت أزلي.. ووجود غيره تبعي مرتبط به، وهو في كل لحظة يحتاج مددا
منه، ولولا مدده بالوجود لظل في طي العدم.
ومن مقتضيات ربوبية
الله تعالى لعباده، أن يتعامل مع عباده بحسب قابلياتهم واستعداداتهم.. وبذلك فإن
الربوبية ـ ولله المثل الأعلى ـ تشبه السراج الذي يضيء على الكائنات؛ فتختلف في
استقبالها له بحسب استعداداتها، فمنها ما يظهر باللون الأخضر أو الأصفر أو
الأحمر.. ومنها ما يظهر باللون الأسود الذي لا يتلون بأي لون، ويبقى في عالم
الظلمات، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى عن الماء الذي ينزل من السماء: ﴿وَفِي
الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ
صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا
عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾
[الرعد: 4]
وبذلك فإن الذي يؤثر
الضلالة.. هو في الحقيقة لم يقبل الهدى الإلهي.. وبذلك صار ضالا بسبب عدم تقبله..
وكان اسم الله تعالى المضل ليس المراد منه في حقه سوى حرمانه من الهداية، لا بالجبر
له على الضلالة، وإنما بإتاحة الحرية له ليختارها.
وهكذا في جميع الأسماء
الحسنى المرتبطة بالربوبية.. والتي لا يتحلى بكمالها إلا من تحقق بالعبودية..
فكلما تعمقت العبودية في النفس، كلما أصبحت مثل المرآة الصقيلة العاكسة التي
تستقبل الأنوار بكل شفافية وقوة، حتى تصبح أنوارا محضة.
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 414