وقال آخر: (ليس المراد
بـ الفناء انعدام عين العبد مطلقا، بل المراد منه فناء جهته البشرية في الجهة
الربانية)([443])
وقال آخر: (الفناء:
عبارة عن الفناء في العرفان لا في الأعيان فإن ذلك غير ممكن)([444])
وقال آخر: (الفناء: هو
أن يفنى عن نفسه حتى لا يحس بشيء من ظواهر جوارحه، ولا من الأشياء الخارجة عنه،
ولا من العوارض الباطنة فيه، بل يغيب عن جميع ذلك ذاهباً إلى ربه أولاً ثم ذاهباً
فيه آخراً)([445])
وقال آخر: (الفناء: هي
شهود الحق بلا خلق، لاندراج حكم الفعل في الصفة من حيث أنه أثرها، وبذلك لا يبقى
خبر عن الفعل من حيث هو. والصفة مضافة لموصوفها، فليس إلا هو وحده. وذلك عين
الغيبة عن كل شيء به، لرجوع كل شيء إليه)([446])
وقال آخر: (الفناء هو
الحال التي تتوارى فيها آثار الإرادة والشخصية والشعور بالذات وكل ما سوى الحق،
فيصبح الصوفي وهو لا يرى في الوجود غير الحق، لا يشعر بشيء في الوجود سوى الحق
وفعله وإرادته. فالفناء عن المعاصي يقتضي البقاء بالطاعات، والفناء عن الصفات
البشرية يقتضي البقاء بصفات الألوهية، والفناء عما سوى الله يقتضي البقاء بالله.
وليس المقصود بالفناء ذلك المعنى الشائع وهو الفناء بالموت، بل المقصود أن يفنى
الصوفي عن الأخلاق الذميمة ويبقى بالأخلاق الحميدة، ويفنى عن صفاته من علم
[442] ابن عطاء الله السكندري، مفتاح الفلاح
ومصباح الأرواح، ص 7، 8.