نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 368
الظلمات و النور
كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن الظلمات
والنور، وحقيقتهما، وسر ذكر النصوص المقدسة الكثير لهما، وعن علاقتهما بالنفس
المطمئنة ورضاها.
وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن كل رحلة السالك إلى الله هي رحلة
مرتبطة باجتثاث الظلمات، واستبدالها بالأنوار، ولذلك كان الترقي مساويا للتنور،
وكان التدني مساويا للانغماس في الظلمات.
ولذلك كانت علامة النفس المطمئنة امتلاؤها بالأنوار، وكان رضاها هو ما
أتاحت لها تلك الأنوار من معاينة ما لم تكن تعاينه، وتذوق ما لم تكن تذوقه.
ولهذا اعتبر الله تعالى انشراح الصدر بالإيمان بسبب امتلائه بالأنوار،
كما قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى
نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ الله
أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الزمر: 22]
وأخبر رسول الله a عن تأثير الأنوار في القلب، فقال: (إذا دخل النور القلب، انفسح
وانشرح)، قالوا فما علامة ذلك يا رسول الله؟ قال: (الإنابة إلى دار الخلود،
والتجاني عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله) ([419])
وإن شئت تقريبا لهذا ـ أيها المريد الصادق ـ فتوهم نفسك قد ذهبت إلى قصر
مهيب فيه من كل ألوان الزينة، أو ذهبت إلى جنة فيحاء فيها من كل ألوان الأزهار
والثمار.. لكن الظلمة كانت مطبقة، بحيث لا يمكن رؤية شيء.. فهل يمكن التنعم بذلك
القصر، أو بتلك الجنان، أم أنها تصبح مشابهة للصحارى والفيافي الخالية من كل زينة،
والممتلئة بكل وحشة؟
[419] البيهقي في الأسماء والصفات (1 / 258) الطبري في تفسيره (12 /
101 رقم 13856)
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 368