نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 364
وقد أخبر الله تعالى عن
التغيرات الكبيرة التي تحصل للعالم في تلك النشأة، فقال: ﴿ يَوْمَ
تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لله الْوَاحِدِ
الْقَهَّارِ﴾ [إبراهيم: 48]
وقد علق عليها بعض
الحكماء فقال: (إن لجميع الموجودات الطبيعية حركة جوهرية ذاتية، وتحولاً من صورة
إلى صورة حتى يقع لها الرجوع إلى الله بعد صيرورتها غير نفسها، بحسب الصورة
السابقة، وتحولها إلى نشأة أخرى، ولو كانت هذه الطبائع ثابتة الجوهرية مستمرة
الهوية، لم تنتقل هذه الدار إلى دار الآخرة، ولم تتبدل الأرض غير الأرض، ولا
السماوات غير السماوات)([418])
وفي تلك النشأة تكون
الحياة الحقيقية، لا الحياة الموهومة التي تكون في الدنيا، كما قال تعالى: ﴿وَمَا
هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ
لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: 64]
وقد أخبر القرآن الكريم
أن الحياة في تلك النشأة ـ وقبلها في البرزخ ـ ستتشكل بحسب الأعمال والرغبات التي
بنيت عليها نفوس أصحابها، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ
لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ
كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾
[الأعراف: 51]
وبناء على هذا، فإن كل
المواقف التي ذُكرت في النصوص المقدسة حول هذه النشأة لا يقصد منها سوى تمييز
الأصناف بعضها على بعض، بحيث ينزل كل صنف المحل المناسب لطبيعته.
أما آخر النشآت،
وأعظمها خطرا، فهي تلك التي سماها القرآن الكريم [دار القرار]، كما حكى الله تعالى
عن مؤمن آل فرعون قوله: ﴿يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ