نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 346
بالإضافة إلى أن عالم الحكمة الإلهية يقتضي عدم الاهتمام بذلك، لأن كل
شيء في الكون موضوع في محله الصحيح، ولذلك لا فاضل ولا مفضول، ولا مميز ولا محتقر
بهذا الاعتبار؛ فالقلادة الذهبية في جيد الحسناء أفضل من طوق الحديد الثقيل، ولكن
طوق الحديد في الخرسانة المسلحة أفضل بكثير من تلك القلادة الذهبية، بل إن القلادة
لا تصلح أصلا للخرسانة ولا تنفعها بل تضرها.
وهكذا يقال في عوالم الخلق، فكل شيء في محله الصحيح بادئ الرأي، ولكن
الاختلاف يحدث بالخروج من عالم الحكمة.. وهكذا يقال في الإنسان، فالله خلق﴿الْإِنْسَانَ
فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4]، وأعطاه من المواهب في التعرف على
حقائق الأسماء ما لم تحر الملائكة عنه جوابا، وهو بتلك الحقيقة كالملائكة لا يختلف
عنها، إن لم يكن يفضلها في بعض تلك المواهب التي ليست لها، كما أنها تفضله في بعض
المواهب التي ليست له.
لكن الإنسان ـ بما وهبه الله تعالى من طاقات الاختيار ـ قد يتردى فينزل
عن أفق إنسانيته السامي إلى درك دون درك الحيوان والجماد، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ
رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ [التين: 5]، وهو في تلك الحالة لا يجوز
مفاضلته بالحيوان، بل بالجماد، فكيف تجوز مفاضلته بالملائكة الكرام؟
وإياك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تقع فيما وقع فيه أولئك الذين فضلوا
البشر على الملائكة، وتوهموا أن الله تعالى ما عرض تلك الأسماء على الملائكة، إلا
ليبين فضل آدم عليها؛ فالأمر ليس كذلك، لأن فيه إساءة للملائكة، وأنهم اعترضوا على
الله، ولم يقتنعوا إلا بعد أن فشلوا في المسابقة.
والفهم الصحيح لذلك هو أن الله تعالى لم يعرض الأسماء على الملائكة عليهم
السلام ليتحداهم، بل عرضها لهم ليبين لهم أن آدم عليه السلام قد زُود من العلوم ما
يؤهله
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 346