responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 265

وكون الله تعالى هو المدبر لكل شيء، تدعونا كذلك إلى الأخذ بالأسباب واستعمالها، من دون الاعتماد عليها، بل الاعتماد على الله تعالى وحده.

ولهذا يرد في القرآن الكريم الجمع بين التوحيد والأسباب، أو بين قدرة الله المطلقة والوسائط التي استعملها، ليخبر أن القدرة لا تتنافى مع الحكمة، والتوحيد لا يتنافى مع الأسباب.

ومن الأمثلة على ذلك ذكره لترتب الأسباب على بعضها، فقد جعل المطر سببا لإنبات النبات، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلَ الله مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ (البقرة: 164)، وبذلك فإن البحث في أسباب المطر لا ينافي الإيمان بالله.. بل إنه من دواعي الإيمان بالله.. فالله يأمرنا بالنظر في خلقه، للاعتبار والاستثمار.

وهكذا نرى القرآن الكريم يذكر عن ذي القرنين مراعاته للأسباب، وكيف استطاع بها أن يطور تقنيات كثيرة استفادت بها الشعوب التي حكمها، أو خدمها، قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)﴾ [الكهف: 92 - 97]

وبهذا فإن الرؤية الإيمانية التوحيدية لا تستدعي تعطيل البحث في الأسباب احتقارا لها، وتغليبا للقدرة الإلهية، وإنما تؤمن بها، وتبحث فيها، ولكنها لا تقف عندها، وإنما تعبر منها إلى الخالق القادر على كل شيء.

نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 265
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست