وقالa:(لا يرد القدر إلا
الدعاء، ولا يزيد في العمر الا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) ([248])
والتعرف على هذا النوع من الأقدار، ومنازعته، ومدافعته، هو الذي يحفظ
المؤمن من الوقوع فيما وقع فيه الجبرية الذين سلموا وهنهم وكسلهم وقعودهم إلى المقادير،
واتهموا الله تعالى، وبرؤوا أنفسهم، مثلما فعل المشركون عندما قالوا: ﴿
لَوْ شَاءَ الله مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا
وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [النحل: 35]
أو مثلما فعل إبليس عندما رفض تلبية أمر الله تعالى، ثم أخبر أنه سبب
غوايته، فقال: ﴿فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ
الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الأعراف: 16]، وكان في إمكانه أن ينفذ أمر الله تعالى،
ويقول: (فبما هديتني)، بدل [فبما أغويتني]
ولهذا قال الإمام الصادق: (ما بعث
الله نبيا قط حتى يأخذ عليه ثلاثا: (الإقرار لله بالعبودية، وخلع الأنداد، وأنّ
الله يمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء)([249])
ومن
أول خصائص هذا النوع من المقادير أنها [مقادير محتملة]، أي أنها ليست قطعية، بحيث تنزل
بالعبد لا محالة، بل هي معرضة للنسخ والتبديل، بل إن الله تعالى وهب العبد قدرة
على نسخها ومحوها وتبديلها.
ولا يستغرب هذا القول، فإن القرآن الكريم، وهو كتاب من كتب الله، أو هو
نموذج من كتب الله يخبرنا عن وقوع النسخ([250])، أو التدرج، أو مخاطبة
الإنسان على حسب حاله
[250] النسخ الذي نريده هنا هو نسخ القرآن
الكريم للكثير من الأحكام الواردة في الكتب السابقة، أما كون القرآن يحوي ناسخا
ومنسوخا، فهذا مما ننزه القرآن الكريم عنه، وقد ذكرنا ذلك في كتاب [القرآن والأيدي
الآثمة]، وغيره.
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 201