ودعا رسول الله أن يقول لقومه: ﴿ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً
وَلا نَفْعاً إِلَّا مَا شَاءَ الله لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ
أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ (يونس:49)
ويخبر الله تعالى أن هذه المشيئة المطلقة في الضر والنفع هي من مقتضيات
الألوهية، قال تعالى:﴿ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله مَا لا يَمْلِكُ
لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَالله هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (المائدة:76)
أي لا يقدر على دفع ضر عنكم، ولا إيصال نفع إليكم.
ولهذا يخبر الله تعالى رسوله a أن مشيئته تعالى قادرة على أن ترزقه من الخير في الدنيا ما
يحولها إلى جنة في ناظريه، قال تعالى:﴿ تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ
لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً ﴾ (الفرقان:10)
وفي نفس الوقت يملؤنا بمعاني التوحيد حين لا نرى الضر والنفع إلا من
الله، قال تعالى:﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ
إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ
يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ (يونس:107)
ولهذا كان من أسماء الله الحسنى المقترنة ببعضها (النافع الضار)، وهما
اسمان متعلقان بجميع ما يصدر في الكون مما يسمى نفعا أو ضرا، سواء نُسب ذلك إلى الله
مباشرة أو نُسب للملائكة أو الإنس أو الجمادات، فمشيئة الله تعالى وراء كل ذلك، وقد
قال بعض الحكماء معبرا عن هذا المعنى: (فلا تظنن أن السم يقتل ويضر بنفسه، وأن
الطعام يشبع وينفع بنفسه، وأن الملك والإنسان والشيطان أو شيئا من المخلوقات من
فلك أو كوكب أو غيرهما يقدر على خير أو شر أو نفع أو ضر بنفسه، بل كل ذلك أسباب
مسخرة لا يصدر منها إلا
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 161