نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 124
والتي تجعلها ممتلئة بالرضا التام، ومن كل الجوانب.
ذلك أن طمأنينة النفس ناشئة عن ذلك الثبات الذي يحكم الكون جميعا، فهو
ملك إله واحد، وتحت إدارته وحكمه المباشر، وقوانينه ثابتة راسخة، تُطبق على
الجميع، وبنفس المعايير والموازين..
ولهذا يرد في النصوص المقدسة تطمين الله لعباده بأن قوله لا يرد، وكلماته
لا تتبدل، ووعده أو وعيده لا يتخلف، ولذلك توصف كلمات الله بكونها تامات، فالتمام
هنا هو التحقق، فالشيء لا يتم إلا بعد تحققه، كما قال تعالى: ﴿وَتَمَّتْ
كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ﴾ (الأنعام:115) أي صدقاً في الأخبار، وعدلاً في الأوامر
والنواهي.
وقال تسلية للنبي a وتعزية له فيمن كذبه من قومه، وأمر له بالصبر كما صبر أولو العزم من
الرسل: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا
كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله
وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ﴾ (الأنعام:34) أي أن الله لا
يبدل الكلمات التي كتبها بالنصر في الدنيا والآخرة لعباده المؤمنين.
بل إن الله تعالى ليطمئن عباده يذكر في كلماته
المقدسة التزامه بتلك القوانين والقيم مثل إلزامهم بها.. فهو كما حرم الظلم على
خلقه حرمه على نفسه.. وكما أوجب الصدق والعدل وكل القيم الرفيعة على خلقه أوجبها
على نفسه.. بل إنه هو المتصف بها ابتداء، ولذلك دعا خلقه إليها لينسجم الكون جميعا
وفق تلك القوانين الثابتة.
ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى:﴿ إِنَّ
عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾ (الليل:12)
فقد أخبر الله تعالى أن عليه هدى الناس جميعا، وهو تعريفهم بالسبل كلها، ومنحهم
الإدراك، ليختار كل منهم بعد ذلك ما يتناسب مع هواه وإرادته.
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 124