نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 103
ولهذا؛ فإن إيمان المؤمن اليقيني بعلم الله تعالى الواسع الذي يشمل كل
شيء يملؤه بالراحة والتسليم، لأنه يثق في ربه، وفي تشريعاته، ومقاديره، فيسلم لها
جميعا سواء بسواء.. لأن الذي شرع هو نفسه الذي قدر.. وهو نفسه العليم بكل شيء..
بالحاضر والماضي والمستقبل.
وهذه المعاني هي التي أشارت إليها المصادر المقدسة كثيرا، لتتلقفها
النفوس المطمئنة، فتسعد بخالقها العليم، وتفرح بعلمه وخبرته ولطفه.. لأنها الأساس
الذي تقوم عليه كل الحركات والسكنات في الكون.. فهي حركات وسكنات مبنية على العلم
الشامل الواسع المحيط بكل الجوانب.. وليست حركات اعتباطية، لا تُعلم نتائجها.
ولهذا يبشر الله تعالى المؤمنين فيقول: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا
فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ الله وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَا فِي الْأَرْضِ وَالله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 29]
فهذه الآية الكريمة لا تدعو فقط إلى تزكية النفس، والحذر من الخواطر
السيئة، واطلاع الله عليها، ولكنها تبشر المؤمنين بأن الله تعالى عالم بما في
صدورهم من الأماني والطلبات والرغبات، والتي قد يستحون من ذكرها أو طلبها.. ولذلك
يلبيها لهم في الوقت الذي يشاء بناء على مصالحهم.. ولهذا لم يختم الله الآية
الكريمة بكونه سريع الحساب، وإنما ختمها ببيان قدرته المطلقة، وأخبر قبلها بعلمه
بما في السموات والأرض.
وهكذا يخبر الله تعالى عن تلك الأحاديث التي يتحدث الإنسان بها إلى نفسه،
وعلمه بها، فيقول: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا
تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾
[ق: 16]، وهي مثل الآية السابقة تدفع إلى الأمرين: تزكية النفس والحذر من
الاستجابة لوساوس النفس وخواطر السوء فيها.. وبين البشارة بأن الله تعالى لا يعلم
فقط ما في النفس، ولكنه قريب منها أيضا.. وذلك ما يشعرها بالطمأنينة والسكينة
والرضا.
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 103