نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 394
ويدل لهذا كله ما روي عن
ابن عباس أنه كان معتكفاً في مسجد رسول الله a،
فأَتاه رجلٌ، فسلم عليه، ثم جلس، فقال له ابن عباس: يا فلان! أراك مكتئباً حزيناً.
قال: نعم يا ابن عم رسول الله a لفلان عليَّ حقُّ
وَلاءٍ، وحرمةِ صاحبِ هذا القبرِ ما أَقدر عليه، قال ابن عباس: أَفلا أَكلمه فيك؟
فقال: إنْ أحببتَ. قال: فانتعلَ ابنُ عباسٍ، ثم خرجَ من المسجدِ، فقال له الرجل:
أنسِيتَ ما كنت فيه؟ قال: (لا، ولكني سمعتُ صاحبَ هذا القبر a والعهدُ به قريبٌ
-فدمعت عيناه- وهو يقول: (من مشى في حاجة أُخيه وبلغَ فيها؛ كان خيراً له من اعتكاف
عشرِ سنين، ومن اعتكفَ يوماً ابتغاءَ وجه الله تعالى؛ جعل الله بينه وبينَ النار
ثلاث خنادق كل خندق، أَبعد مما بين الخافقين)([816])
هذا
أول ما على الحاج معرفته ـ أيها المريد الصادق ـ حتى لا يقع في عبادة نفسه وهواه؛
فيصرف الأموال التي هي أموال الله في غير محلها الصحيح..
ولهذا
فإن أمثال هؤلاء الذين يضعون أموالهم في محالها الصحيحة سيعوضهم الله من الأجر
والثواب والتزكية والترقية ما يسد ذلك الذي تركوه من أجله، ومما يروى في هذا عن
رسول الله a قوله: (من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس،
ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة)([817])
أما غيرهم، ممن وصفت لي بعض حالهم، فقد أشار إليهم قوله a: (إذا كان آخر الزّمان خرج الناس للحجّ أربعة أصناف
سلاطينهم للنزهة، وأغنياؤهم للتجارة، وفقراؤهم للمسألة، وقرّاؤهم للسمعة) ([818])