نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 38
فتفسدها، وإنما لها دور كبير في تحصيل
الأجور ومضاعفتها، حتى أنها تحول المباحات إلى طاعات، وبذلك يمكن أن يصبح نومك
وأكلك وشربك وكل تصرفاتك التي ترغب فيها نفسك إلى طاعة لله تعالى إذا ما تعلمت كيف
تؤدي حق النية الصالحة فيها.
وذلك
لا يعني ـ أيها المريد الصادق ـ ما قد يتبادر إلى الذهن من خلو الأجور من التأثير
في النفس وتطهيرها وترقيتها، وارتباطها فقط بالجزاء الأخروي، فذلك غير صحيح، فلكل
حسنة تجليات مختلفة منها ما يظهر في الآخرة بصورة النعيم المقيم، ومنها ما يظهر في
الدنيا بصورة الطهارة والطيبة التي تمتلئ بها النفس حتى تصبح حياتها كلها بالله
ولله، كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ
وَمَمَاتِي لله رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ
وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: 162، 163]
ولهذا
أوصى رسول الله a بالاستفادة من هذه الهدية الإلهية التي ننال بها الأجور من غير
تعب ولا مشقة، فقال ـ في وصيته لأبي ذر ـ: (يا أبا ذرّ، ليكن لك في كلّ شيء نيّة،
حتّى في النوم والأكل)([28])
ولذلك
كان الصالحون يتوقفون قبل القيام بأي عمل انتظارا للنية الصالحة فيه، حتى يكون
قربة لهم عند الله تعالى، وقد روي عن بعضهم أنه إذا سئل عن أي عمل من أعمال البر
يقول: (إن رزقني الله تعالى نية فعلت)
وقد
ضرب بعض الحكماء على إمكانية مضاعفة الأجور بتكثير النيات الصالحة بالقعود في
المسجد، والتي يمكنها أن تحوله من مجرد قعود لا يُقصد به سوى الراحة إلى قعود تنال
به الأجور العظيمة، فذكر منها أن يعتقد أنه قاعد ببيت الله، وأن داخله زائر الله،
فيقصد به زيارة مولاه، رجاء لما وعده به رسول الله a في قوله: (من قعد في المسجد فقد
زار الله