نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 173
من الأعمال الصالحة نفسها، وقد روي أنّ
عابداً عبد الله سبعين عاماً صائماً نهاره قائماً ليله، فطلب إلى الله حاجةً فلم
تُقضَ، فأقبل على نفسه وقال: (من قبلك أُتيت، لو كان عندك خيرٌ قُضيت حاجتك، فأنزل
الله إليه ملكاً فقال: (يا بن آدم !.. ساعتك التي أزريت فيها نفسك، خيرٌ من عبادتك
التي مضت)([310])
وقد
قال بعض الحكماء معبرا عن هذا المعنى: (معصية أورثت ذلّا
وافتقارا، خير من طاعة أورثت عزّا واستكبارا)، وسر كون (المعصية التي توجب
الانكسار أفضل من الطاعة التي توجب الاستكبار لأن المقصود من الطاعة هو الخضوع
والخشوع والانقياد والتذلل والانكسار، (أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي) فإذا خلت
الطاعة من هذه المعاني واتصفت بأضدادها فالمعصية التي توجب هذه المعاني وتجلب هذه
المحاسن أفضل منها، إذ لا عبرة بصورة الطاعة، ولا بصورة المعصية، وإنما العبرة بما
ينتج عنهما، كما قال a: (إنّ الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أعمالكم، وإنّما ينظر إلى
قلوبكم)([311])، فثمرة الطاعة هي الذل والانكسار،
وثمرة المعصية هي القسوة والاستكبار، فإذا انقلبت الثمرات انقلبت الحقائق فصارت
الطاعة معصية، والمعصية طاعة) ([312])
وقال
آخر: (إنما مراد الله سبحانه من عباده قلوبهم، فإذا تكبر العالم أو العابد، وتواضع
الجاهل والعاصي وذل هيبة لله عز وجلّ وخوفا منه فهو أطوع لله عز وجلّ من العالم
والعابد بقلبه) ([313])
ولهذا؛
تمتلئ أدعية رسول الله a وأئمة الهدى بهذه المعاني التي أساء فهمها