نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 92
المعجزات فأضل بهم الناس، ولا
تتهمه في أَنَّه كلّفك ما لا تطيقه وغير ذلك من مسائل العدل التي يذكرها أَصحابنا
مفصلة في كتبهم، كالعوض عن الأَلم فإِنه لا بدّ منه، والثواب على فعل الواجب فإِنه
لا بد منه، وصدق وعده ووعيده فإِنه لا بد منه) [1]
ثم ذكر مدى تأثير الروايات
الواردة عن أئمة أهل البيت في مفهوم العدل وما يرتبط به من مفهوم الحسن والقبح
وغيرهما في عقائد المعتزلة؛ فقال: (و جملة الأمر أَنَّ مذهب أَصحابنا في العدل
والتوحيد مأخوذ عن أمير المؤمنين وهذا الموضع من المواضع التي قد صرّح فيها بمذهب
أصحابنا بعينه وفي فرض كلامه من هذا النمط ما لا يحصى)[2]
وهكذا روي عن الإمام الصادق الجمع
بين التوحيد والعدل، حيث قال: (أَمّا التّوحيدُ فَأَنْ لا تُجَوِّزَ عَلى رَبِّك
ما جازَ عليكَ، وأمّا العَدْل فَأَنْ لا تَنْسبَ إلى خَالِقِكَ ما لاَمَكَ
عَلَيْهِ)[3]
وكل هذه الروايات التي يجتمع
فيها العدل مع التوحيد، نجدها مستنبطة ومتفقة مع القرآن الكريم الذي يعتبر اقتران
العدل بالتوحيد اقترانا ضروريا لا انفصال لأحدهما عن الآخر؛ فالعدل يقتضي التوحيد،
والتوحيد يقتضي العدل.
أما اقتضاء العدل للتوحيد، فإن
الشخص إن كلف تكاليف مختلفة من جهات متعددة، ثم حوكم في محاكم مختلفة من قضاة
متناقضين كان ذلك منتهى الجور، ولكن العدل الإلهي مستند إلى التوحيد الإلهي،
فالعبد لا يكلف إلا من رب واحد، وهو الذي يتولى جزاءه، فلا يخاف ظلما ولا هضما.
أما اقتضاء التوحيد للعدل، فإن
من أعظم أسباب الجور فقر الجائر لمن جار له بأي
[1] شرح
نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء التراث
العربي، الطبعة الثانية، 1386 ه، بيروت، ج 20، ص 227.