نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 55
بشأن الرب سبحانه وتعالى؟
ولهذا، فإن الله تعالى يذكر
قربه من كل شيء، من غير حاجة إلى تنقل؛ فالله تعالى أقرب إلى خلقه من أنفسهم، كما
قال تعالى: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا
تُبْصِرُونَ﴾ [الواقعة: 85]، وقال: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ
وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ
الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16]
بل إن الله تعالى يخبر عن حضورة
المطلق مع كل شيء، بل عن تصريفه لكل شيء، بل عن كونه هو الفاعل الوحيد لكل حركة أو
سكنة في الوجود، فيقول: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ
تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ
حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ
مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ
أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ
جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي
تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ
(72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73) ﴾
[الواقعة: 63 ـ 74]
ولهذا؛ فإن القرب والدنو ـ كما
يذكر القرآن الكريم ـ لا يعني القرب الحسي، وإنما يعني قرب المعرفة والمحبة
والتواصل مع الله، كما قال تعالى: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ [العلق:
19]، فالسجود بكل الكيان لله هو أقرب طريق للقرب الإلهي، كما قال (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): (أقرب ما يكون العبد من ربه في سجوده)[1]
ونفى القرآن الكريم ذلك القرب
الوهمي الذي يخطر على المستغرقين في الدنيا، فقال: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ
وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ
وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ
فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ [سبأ: 37]