وهكذا فسر الإمام الصادق الرؤية
التي اتخذها المجسمة دليلا على التجسيم، فعن هشام بن سالم، قال: كنت عند الصادق
جعفر بن محمد إذ دخل عليه معاوية بن
وهب وعبد الملك بن أعين، فقال له معاوية بن وهب: يا ابن رسول الله ما تقول في
الخبر الذي روي أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) رأى ربه، على أي صورة رآه؟ وعن الحديث الذي
رووه أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة، على أي صورة يرونه؟ فتبسم ثم قال: (يا
معاوية ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك الله ويأكل
من نعمه، ثم لايعرف الله حق معرفته) ! ثم قال : (يا معاوية إن محمدا (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) لم ير الرب تبارك وتعالى بمشاهدة العيان،
وإن الرؤية على وجهين، رؤية القلب، ورؤية البصر، فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب،
ومن عنى برؤية البصر فقد كفر بالله وبآياته، لقول رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): (من شبه الله بخلقه فقد كفر) ولقد حدثني أبي عن أبيه عن الحسين
بن علي قال: سئل أمير المؤمنين فقيل له: يا أخا رسول الله هل رأيت ربك؟ فقال:
(وكيف أعبد من لم أره، لم تره العيون بمشاهدة العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق
الايمان)، وإذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر فإن كل من جاز عليه البصر
والرؤية فهو مخلوق، ولابد للمخلوق من الخالق، فقد جعلته إذا محدثا مخلوقا، ومن
شبهه بخلقه فقد اتخذ مع الله شريكا)[2]
هذا موقف أهل بيت النبوة من
الرؤية، ورفض الحسي منها لمخالفته الصريحة لما ورد في القرآن الكريم، وما دل عليه
العقل من اقتضاء الرؤية للتجسيم، أما موقف المناوئين لهم، والذين تبنوا المنهج
الأموي، فقد بالغوا في الرؤية الحسية لدرجة جعلتهم يقعون في