وكان قد أرسل إليه الإمام
الحسين رسالة يقول فيها: (إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر: أما بعد، يا حبيب! فأنت
تعلم قرابتنا من رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، وأنت أعرف بنا من غيرك، وأنت ذو شيمة وغيرة،
فلا تبخل علينا بنفسك، يجازيك جدي رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) يوم القيامة)[2]
وكان حبيب ـ حين وصلته الرسالة
ـ جالسا مع زوجته، وبين أيديهما طعام يأكلان، إذ وصلته الرسالة، فاستشار زوجته،
فحثته على نصرة ابن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم).
وعندما وصل إلى الإمام الحسين ،
ورأى قلة أنصاره وكثرة محاربيه، قال له: إن هاهنا حيّا من بني أسد فلو أذنت لي
لسرت إليهم ودعوتهم إلى نصرتك لعل الله أن يهديهم وأن يدفع بهم عنك! فأذن له
الحسين؛ فسار إليهم حتى وافاهم فجلس في ناديهم ووعظهم وقال لهم: (يا بني أسد قد
جئتكم بخير ما أتى به رائد قومه، هذا الحسين بن علي أمير المؤمنين وابن فاطمة بنت
رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، وقد نزل بين ظهرانيكم في عصابة من
المؤمنين، وقد أطافت به اعداؤه ليقتلوه، فأتيتكم لتمنعوه وتحفظوا حرمة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) فيه)، فخرجوا معه،
فعارضهم عمر بن سعد ليلا ومانعهم فلم يمتنعوا فقاتلهم، فلما علموا أن لا طاقة لهم
بهم تراجعوا في ظلام الليل وتحملوا عن منازلهم، وعاد حبيب إلى الحسين فأخبره بما
كان، فقال : ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الله ﴾
[التكوير: 29]، ولا حول ولا قوة إلا بالله)[3]
وفي صباح العاشر من المحرم جعل
الإمام الحسين زهير بن القين على الميمنة، وحبيب بن مظاهر على الميسرة ووقف في
القلب وأعطى الراية لأخيه العباس، ولما دعا الإمام الحسين براحلته فركبها ونادى
بصوت عال يسمعه جلهم: (أيها الناس اسمعوا قولي