نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 195
وجهك الذي أشرقت له
الأرض والسماوات وانكشفت به الظلمات، وصلح عليه أمر الأولين والآخرين، أن لا
تميتني على غضبك ولا تنزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى قبل ذلك لا إله إلّا أنت)[1]
وقد تحقق له بذلك ما نص عليه
قوله تعالى في وصف المؤمنين: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ
ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ الله وَالله رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [البقرة: 207]،
وقوله: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ
دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ الله وَرِضْوَانًا
وَيَنْصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحشر: 8]
فالإمام الحسين باع نفسه لله،
وهاجر في سبيله، وقدم كل ما يملك من أهل ومال وعافية قربانا لله تعالى، وطلبا
لرضوانه، ومصدر ذلك كله هو يقينه في الله تعالى، فاليقين بالله، وبما عند الله هو
الذي يجعل صاحبه راضيا مطمئنا مهما حصل له من أنواع البلاء، ولهذا جمع الله تعالى
بين الصبر واليقين عند ذكره للإمامة؛ فقال: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أئمة
يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾
[السجدة: 24]
وقد ذكر أبو حامد الغزالي علاقة
الرضا باليقين، وذلك جوابا لمن تصور أن الرضا خاص بالنعمة، وليس له علاقة بالبلاء،
فقال: (اعلم أنّ من قال: ليس فيما يخالف الهوى وأنواع البلاء إلّا الصبر فأمّا
الرّضا فلا يتصوّر فإنّما أتى من ناحية إنكار المحبّة فأمّا إذا ثبت تصوّر الحبّ لله
تعالى واستغراق الهمّ به فلا يخفى أنّ الحبّ يورث الرّضا بأفعال الحبيب) [2]
ثم استدل لذلك بوجهين: أولهما
(أن يبطل الإحساس بالألم حتّى يجري عليه المؤلم ولا يحسّ به وتصيبه جراحة وهو لا
يدرك ألمها، ومثاله الرّجل المحارب فإنّه في حال غضبه