نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 169
لجميع التاريخ.
فلو أن الإمام الحسين استعمل
تلك الصلاحيات التي أتاحها الله له كما أتاحها لأوليائه وأنبيائه؛ فراح يوفر عن
نفسه وأهل بيته العناء، ويسأل الله ألا يحدث ما حدث، لكان للتاريخ حركة أخرى غير
الحركة التي نعرفها، ونعيشها.
وقد كان أسوته في ذلك الرسل الذين
آتاهم الله تلك الولاية التكوينية، وأتاح لهم بها تحقق المعجزات، ومع ذلك لم
يستخدموا تلك الصلاحيات، بل مارسوا أدوارهم الرسالية بجهودهم البشرية، ولم يدخلوا
أي قوة غيبية فيها، حتى يكونوا أسوة لغيرهم.
فرسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) الذي أسرى الله به إلى بيت المقدس في لحظات
معدودات، وعرج به إلى السموات العلا في ليلة واحدة، لم يستعمل البراق، ولا أي
وسيلة غيبية عندما هاجر إلى المدينة المنورة، بل هاجر إليها كسائر الناس، وتلقى من
العناء ما تلقى حتى يكون أسوة لغيره من الدعاة.
وهكذا كان يقاوم هجمات أعدائه
بما أتيح له من سلاح، ومن عدد قليل، وعدة قليلة، ولم يستعمل الوسائل الغيبية
المتاحة له، إلا إذا أراد الله ذلك، ولذلك حصل نوع من الهزيمة يوم أحد، واستشهد
عمه حمزة، وكان في الإمكان ألا يحصل ذلك كله لو أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) استخدم ما أتيح له من ولاية تكوينية، ومن
دعاء مستجاب، لكنه لم يفعل، لأن الله تعالى جعله أسوة للأمة، بل للبشر جميعا.
وقد ورد في الرواية أن بعضهم
أنكر على الإمام السجاد حاجته وفاقته، وعدم قدرته على تسديد بعض حاجات المسلمين
المادية، وقال: (عجبا لهؤلاء يدّعون مرّة أنّ السماء والأرض وكلّ شيء يطيعهم،
وأنّ الله لا يردّهم عن شيء من طلباتهم، ثمّ يعترفون أخرى بالعجز عن إصلاح حال
خواصّ إخوانهم)، فرد عليه الإمام السجاد بقوله: (هكذا قالت قريش للنبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): كيف يمضي إلى بيت المقدس ويشاهد ما فيه من
آثار الأنبياء من مكّة
نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 169