ولهذا نرى في أدعية الإمام
الحسين الكثير من الشكوى وبيان الفقر والحاجة وكل أنواع الاضطرار، مثل قوله في الدعاء
المشهور الذي يستجير فيه بالله تعالى من شرور أعدائه: (اللهمّ يا عدّتي عند شدّتي،
ويا غوثي عند كربتي، احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام،
وارحمني بقدرتك عليّ، فلا أهلك وأنت رجائي، اللهمّ إنّك أكبر وأجلّ وأقدر مما أخاف
وأحذر. اللهمّ بك أدرأ في نحره، وأستعيذ من شرّه، إنّك على كل شيء قدير)[2]
ومنها قوله في دعاء يوم الطف،
بعد حمد الله والثناء عليه: (احكم بيننا وبين قومنا فإنهم غرونا وخدعونا وخذلونا
وغدروا بنا وقتلونا، ونحن عترة نبيك وولد حبيبك محمد بن عبد الله، الذى اصطفيته
بالرسالة وائتمنته على وحيك، فاجعل لنا من أمرنا فرجا ومخرجا برحمتك يا أرحم
الراحمين)[3]
ونلاحظ فيه أن الإمام الحسين راح
يشكو إلى الله ما حصل له مع قومه الذين آذوه، وهو يذكرنا بتلك الشكوى الأليمة التي
ذكرها الله تعالى عن نوح ، وكيف تعامل معه قومه على الرغم من رحمته الشديدة بهم،
وحرصه العظيم عليهم.
ويذكرنا كذلك بتلك الشكوى التي
شكا بها رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) قومه عندما قال: (اللهم إني أشكو إليك ضعف
قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت أرحم الراحمين، أنت
[2] نور الأبصار: 146، وفيات
الأعيان 2: 294، الإرشاد: 272، بحار الأنوار 47: 174، وقد دعا بهذا الدعاء الشريف الإمام
الصادق حينما أمر الطاغية المنصور بإحضاره مخفوراً لينكل به، فأنقذه الله من شرّه،
وفرّج عنه، فسئل عن سبب ذلك، فقال: إنّه دعا بدعاء جدّه الحسين .