وهو
يرى أن هذا السلوك الذي امتد لنواح كثيرة في القرآن الكريم، نوع من الهجران
للقرآن، ونوع من تقديم غيره عليه، يقول: (إن مهجورية القرآن لها مراتب كثيرة
ومنازل لا تحصى، ولعلنا متصفون بالعمدة منها، أترى أننا إذا جلّدنا هذه الصحيفة
الإلهية جلداً نظيفاً وقيّماً وعند قراءتها أو الاستخارة بها قبّلناها ووضعناها
على أعيننا ما اتخذناه مهجوراً؟ أترى إذا صرفنا غالب عمرنا في تجويده وجهاته
اللغوية والبيانية والبديعية قد أخرجنا هذا الكتاب الشريف عن المهجورية؟ هل أننا
إذا تعلّمنا القراءات المختلفة وأمثالها قد تخّلصنا من عار هجران القرآن؟ هل أننا
إذا تعلّمنا وجوه إعجاز القرآن وفنون محسوساته قد تخلّصنا من شكوى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم؟ هيهات.. فإنه ليس شيء من هذه الأمور
مورداً لنظر القرآن ومنزلها العظيم الشأن، إن القرآن كتاب إلهي وفيه الشؤون
الإلهية، والقرآن هو الحبل المتصل بين الخالق والمخلوق، ولا بد أن يوجد الربط
المعنوي والارتباط الغيبي بتعليماته بين عباد الله ومربّيهم، ولا بد أن يحصل من
القرآن العلوم الإلهية والمعارف اللدنيّة) [2]
ومن
الحجب التي دعا الخميني إلى رفعها حتى يتحقق السالك بالحقائق القرآنية [الاعتقاد
بأنه ليس لأحد حق الاستفادة من القرآن الشريف إلاّ بما كتبه المفسّرون أو فهموه]،
وقد عزا هذا الحجاب إلى الاشتباه الواقع بين الدعوة القرآنية للتفكر والتدبّر في
الآيات الشريفة، مع ما ورد في النصوص من تحريم التفسير بالرأي الممنوع، وبناء على
هذا الاشتباه حصل نوع آخر من الهجران للقرآن الكريم، يقول: (بواسطة هذا الرأي
الفاسد والعقيدة الباطلة جعلوا القرآن عارياً من جميع فنون الاستفادة واتخذوه
مهجوراً بالكلية في حال أن الاستفادات الأخلاقية والإيمانية والعرفانية لا ربط لها
بالتفسير، فكيف بالتفسير بالرأي،